الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.قال القرطبي: وخليل فعيل بمعنى فاعل كالعليم بمعنى العالم. وقيل: هو بمعنى المفعول كالحبيب بمعنى المحبوب، وإبراهيم كان محبًّا لله صلى الله عليه وسلم وكان محبوبًا لله. وقيل: الخليل من الاختصاص فالله عزّ وجل أعلم اختص إبراهيم في وقته للرسالة. واختار هذا النحاس قال: والدليل على هذا قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: «وقد اتخذ الله صاحبكم خليلًا» يعني نفسه. وقال صلى الله عليه وسلم: «لو كنت متخذًا خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا» أي لو كنت مختصًا أحدًا بشيء لاختصصت أبا بكر رضي الله عنه. وفي هذا رد على من زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم اختص بعض أصحابه بشيء من الدين. وقيل: الخليل المحتاج؛ فإبراهيم خليل الله على معنى أنه فقير محتاج إلى الله تعالى؛ كأنه الذي به الاختلال. وقال زُهير يمدح هَرِمَ بن سِنان: أي لا ممنوع. قال الزجاج: ومعنى الخليل؛ الذي ليس في محبته خلل؛ فجائز أن يكون سمي خليلًا لله بأنه الذي أحبه واصطفاه محبة تامة. وجائز أن يسمى خليل الله أي فقيرًا إلى الله تعالى؛ لأنه لم يجعل فقره ولا فاقته إلاَّ إلى الله تعالى مخلصًا في ذلك. والاختلال الفقر؛ فروي أنه لما رمى بالمنجنيق وصار في الهواء أتاه جبريل عليه السَّلام فقال: ألك حاجة؟ قال: أمّا إليك فلا. فخلة الله تعالى لإبراهيم نصرته إياه. وقيل: سمي بذلك بسبب أنه مضى إلى خليل له بمصر، وقيل: بالموصل لِيمتار من عنده طعامًا فلم يجد صاحبه، فملأ غرائره رملًا وراح به إلى أهله فحطّه ونام؛ ففتحه أهله فوجدوه دقيقًا فصنعوا له منه، فلما قدّموه إليه قال: من أين لكم هذا؟ قالوا: من الذي جئت به من عند خليلك المصريّ؛ فقال: هو من عند خليلي؛ يعني الله تعالى، فسمِّيَ خليل الله بذلك. وقيل: إنه أضاف رؤساء الكفار وأهدى لهم هدايا وأحسن إليهم فقالوا له: ما حاجتك؟ قال: حاجتي أن تسجدوا سجدة؛ فسجدوا فدعا الله تعالى وقال: اللَّهُمَّ إني قد فعلت ما أمكنني فافعل اللَّهُمَّ ما أنت أهل لذلك؛ فوفقهم الله تعالى للإسلام فاتخذه الله خليلًا لذلك. ويُقال: لما دخلت عليه الملائكة بشبه الآدميِّين وجاء بعجل سمين فلم يأكلوا منه وقالوا: إنالآنأكل شيئًا بغير ثمن فقال لهم: أعطوا ثمنه وكلوا، قالوا: وما ثمنه؟ قال: أن تقولوا في أوّله باسم الله وفي آخره الحمد لله، فقالوا فيما بينهم: حق على الله أن يتخذه خليلًا؛ فاتخذه الله خليلًا. وروى جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اتخذ الله إبراهيم خليلًا لإطعامه الطعام وإفشائه السلام وصلاته بالليل والناسُ نيام» وروى عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «يا جبريل لِم اتخذ الله إبراهيم خليلًا»؟ قال: لإطعامه الطعام يا محمد وقيل: معنى الخليل الذي يوالي في الله ويعادي في الله. والخُلّة بين الآدميِّين الصداقة؛ مشتقة من تخلل الأسرار بين المتخالّين. وقيل: هي من الخَلّة فكل واحد من الخليلين يسدّ خَلّة صاحبه. وفي مصنَّف أبي داود عن أبي هريرة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» ولقد أحسن من قال: آخر: وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه: . اهـ. .قال السمرقندي: فقال إبراهيم: ليس هذا من عند خليلي المصري ولكن من عند خليل السماء. فاتخذه الله تعالى خليلًا بذلك. ويقال: لما دخلت عليه الملائكة في شبه الآدميين، وجاءهم بعجل سمين فلم يأكلوا منه، وقالوا: إنالآنأكل شيئًا بغير ثمن. فقال لهم: أعطوني ثمنه وكلوه. قالوا: وما ثمنه؟ قال: أن تقولوا في أوله بسم الله وفي آخره الحمد لله. فقالوا فيما بينهم: حقًا على الله أن يتخذه خليلًا فاتخذه الله خليلًا. ويقال: إنه أضاف رؤساء الكفار، وأهدى لهم هدايا وأحسن إليهم فقالوا له: ما حاجتك؟ فقال: حاجتي أن تسجدوا لله سجدة، فسجدوا. فدعا الله تعالى وقال: اللهم إني قد فعلت ما أمكنني، فافعل أنت ما أنت أهل لذلك. فوفقهم الله تعالى للإسلام فاتخذه الله خليلًا لذلك. وروى جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اتَّخَذَ الله إِبْراهِيمَ خَلِيلًا لإطْعَامِهِ الطَّعَامَ وَإِفْشَائِهِ السَّلاَمَ وَصَلاَتِهِ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ». اهـ. .قال ابن عاشور: والخليل في كلام العرب الصاحب الملازم الذي لا يخفى عنه شيء من أمور صاحبه، مشتقّ من الخِلال، وهو النواحي المتخلّلة للمكان {فترى الودق يخرج من خلاله} [النور: 43] {فجّرنا خلالهما نهرا} [الكهف: 33]. هذا أظهر الوجوه في اشتقاق الخليل. ويقال: خِلّ وخُلّ بكسر الخاء وضمّها ومؤنّثهُ: خُلّة بضمّ الخاء، ولا يقال بكسر الخاء، قال كعب: وجمعها خلائل. وتطلق الخلّة بضمّ الخاء على الصحبة الخالصة {لا بيع فيه ولا خُلّة ولا شفاعة} [البقرة: 254]، وجمعها خِلال {مِنْ قَبْلِ أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال} [إبراهيم: 31]. ومعنى اتُخاذ الله إبراهيم خليلًا شدّة رِضَى اللَّهِ عنه، إذ قد علم كلّ أحد أنّ الخلّة الحقيقية تستحِيل على الله فأريد لوازمها وهي الرضى، واستجابة الدعوة، وذكره بخير، ونحو ذلك. اهـ. .قال الخازن: .قال الفخر: وجوابه: أن الفرق أن كونه خليلًا عبارة عن المحبة المفرطة، وذلك لا يقتضي الجنسية، أما الابن فإنه مشعر بالجنسية، وجلّ الإله عن مجانسة الممكنات ومشابهة المحدثات. اهـ. .قال الشنقيطي: ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أنه لا أحد أحسن دينًا ممن أسلم وجهه لله في حال كونه محسنًا. لأن استفهام الإنكار مضمن معنى النفي، وصرح في موضع آخر: أن من كان كذلك فقد استمسك بالعروة الوثقى، وهو قوله تعالى: {وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى الله وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ استمسك بالعروة الوثقى} [لقمان: 22] ومعنى إسلام وجهه لله إطاعته وإذعانه، وانقياده لله تعالى بامتثال أمره، واجتناب نهيه في حال كونه محسنًا أي: مخلصًا عمله لله لا يشرك فيه به شيئًا مراقبًا فيه لله كأنه يراه فإن لم يكن يراه فالله تعالى يراه، والعرب تطلق إسلام الوجه، وتريد به الإذعان والانقياد التام، ومنه قول زيد بن نفيل العدوي: . اهـ.
|