الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة
.مسألة باع عبده بعد أن جنى فحلف أنه لم يرد حمل الجناية: قال محمد بن رشد: قول سحنون في هذه ليس على قياس قول ابن القاسم، وإنما هو على قياس قول غيره في المدونة، وأن الرجل إذا أعتق عبده بعد أن جني وحلف أنه لم يرد حمل الجناية كان للمجني عليه لأنه كذلك يلزم على قياس قوله إذا باع عبده بعد أن جنى فحلف أنه لم يرد حمل الجناية كان العبد للمجني عليه وانتقض البيع فيه خلاف قول ابن القاسم في أن المجني عليه بالخيار بين أن يجيز البيع ويأخذ الثمن في جنايته، وبين أن يأخذ العبد، فإن أجاز البيع وأخذ الثمن مضى البيع، وإن أراد أخذ العبد كان للمشتري أن يفتكه منه بجنايته ويرجع على البائع بالأقل من الثمن أو مما أفتكه به، والذي يأتي في هذه المسألة على قياس قول ابن القاسم في المدونة وما مضى في رسم شهد من سماع عيسى من هذا الكتاب إذا حلف البائع أنه ما علم بالجناية أو ما باعها وهو يريد حمل الجناية أن يكون على خصومته ابتداء، فإن صح له البيع كان المجني عليه بالخيار بين أن يجيز البيع وبين أن يأخذ قيمتها من المشتري لفواتها عنده بالولادة، فإن أجاز البيع وأخذ الثمن مضى البيع، وإن أخذ القيمة من المشتري انتقض البيع ورجع المبتاع على البائع بجميع الثمن إلا أن تكون الجناية أقل من الثمن فيكون من حق المبتاع أن يؤدي للمجني عليه جنايته ويتمسك ببيعه ويرجع على البائع بما أفتكها به إن شاء وإن لم يصح له البيع وانتقض كان البائع مخيرا بين أن يسلمها في الجناية أو يفتكها بها، فإن أسلمها فيها كانت ملكا للمجني عليه، وإن أفتكها بها عتقت عليه لإقرارها أنها حرة بإيلاد المشتري إياها الذي ادعى أنه باعها منه ويثبت نسب الولد من المشتري ويكونون أحرارا بإقرار البائع أنهم ولد المشتري من أمته الذي ادعى أنه باعها منه هو الذي يأتي في هذه المسألة على مذهب ابن القاسم، وفي قول سحنون في هذه الرواية، وليس في الولد جناية، وقد ذكر بعض أصحابنا أن الولد أحرار، دليل على أنه لم يرهم أحرارا ورآهم له مماليكا بإقرار أيهم له بملكهم إذ زعم أنه إنما زوجه الأمة ولم يبعها منه ألا تعتق عليه الأمة إذا أفتكها خلاف ما ذكرناه من أنها تعتق عليها إذا أفتكها على مذهب ابن القاسم، وقد مضى في رسم العرية من سماع عيسى من كتاب الدعوى والصلح وجه الحكم في التداعي المذكور في الجارية وبالله التوفيق. .مسألة العبد إذا جنى جناية بعد جناية: قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة على أصولهم في أن العبد المغصوب بجنايته والجناية عليه وفي أن العبد إذا جنى جناية بعد جناية يخير سيده بين أن يفتكه بجميع ما جنى وبين أن يسلمه إلى أولياء الجنايات فيكون بينهم على قدر جناياتهم، وفي أن العبد إذا جنى ثم جني عليه يخير سيده بين أن يفتكه وما أخذ في الجناية عليه بما جنى وبين أن يسلمه وما أخذ في الجناية عليه بما جناه وبالله التوفيق. .مسألة عبد بين شريكين عدا عليه أحد الشريكين: قال محمد بن رشد: قول سحنون في هذه المسألة سقطت شهادة الشهود وسقطت المسألة من أن تكون مسألة ليس بصحيح إذ لشهادتهم فيما شهدوا به تأثير يوجب إذ قد شهد عليه الشهود أنه هو قطع أحد يديه في المسألة حكما إذا شهدوا أن أحدهما قطع يده عمدا وأن الآخر قطع يده الأخرى خطأ، فإن لم يثبتوا من كان المتعمد منهما أن يكون جرحه أصلا وادعى هو على صاحبه أنه هو قطع يده جميعا لم يصدق واحد منهما في أنه لم يجرحه أصلا، إذ قد شهد عليه الشهود أنه قطع إحدى يديه ولا قبلت دعواه على صاحبه أنه قطع يديه جميعا، إذ قد شهد عليه الشهود أنه هو قطع أحد يديه ويقال لهما قد أحقت الشهادة للعبد العتق بالمثلة على أحدكما، فكان وجه الحكم في ذلك أن يحلف كل واحد منهما على ما ادعاه، فإن حلفا جميعا أو نكلا جميعا عن اليمين عتق العبد عليهما، وإن حلف أحدهما ونكل الآخر عن اليمين عتق على الناكل منهما عن اليمين وغرم نصف قيمته للحالف، ولولا البينة لحلف كل واحد منهما لصاحبه على ما ادعاه عليه وبرئ، وإن حلف أحدهما ونكل الآخر عن اليمين غرم الناكل للحالف نصف ما نقصه قطع يديه جميعا، وإن أقر بالخطأ وأنكر العمد فادعى كل واحد منهما على صاحبه أنه هو الذي جرحه عمدا وأنه هو الذي جرحه أولا أو أنه هو الذي جرحه آخرا لكان وجه الحكم في ذلك أن يحلف كل واحد منهما على ما يدعيه من ذلك، فإن حلفا جميعا أو نكلا عن اليمين جميعا عتق العبد عليهما جميعا بالمثلة التي قد تحققت بالبينة على أحدهما، ولم يكن لواحد منهما على صاحبه شيء، وإن حلف أحدهما ونكل الآخر عن اليمين عتق العبد على الناكل منهما عن اليمين، فإن كان هو الأول منهما كان عليه لصاحبه نصف ما نقصته جنايته وكان له هو على صاحبه نصف ما نقصته جنايته أيضا، ويكون عليه نصف قيمته يوم يقام به فيعتق عليه بالمثلة. وتفسير ذلك أن يقال ما قيمته صحيح العينين يوم جنى عليه الأول؟ فإن قيل مائة قيل ما قيمته يومئذ مقطوع اليد الأول؟ فإن قيل ثمانون غرم الأول للثاني ما بين القيمتين وذلك عشرة دنانير، ثم يقال ما قيمته يوم جنى عليه الثاني مقطوع اليد الأولى؟ فإن قيل سبعون قيل ما قيمته يومئذ مقطوع اليدين جميعا؟ فإن قيل ثلاثون غرم الثاني للأول ما بين القيمتين وذلك عشرون ثم يقال ما قيمته مقطوع اليدين يوم يقام به للعتق بالمثلة فإن قيل عشرون كان على الأول نصفها عشرة دنانير وعتق عليه وكان له ولاؤه، وعلى هذا المثال لا يكون لأحدهما على صاحبه شيء؛ لأن الأول وجب له على الثاني في جنايته عليه عشرون، ووجب للثاني على الأول عشرة في جنايته عليه، وعشرة في تقويمه عليه للعتق، وهذا هو الحكم إذا ثبت أن جناية الأول كانت عمدا وجناية الثاني كانت خطأ وهو معنى ما ذكره سحنون في الرواية. وإن كان الناكل عن اليمين هو الآخر منهما كان له على الأول نصف ما نقصته جنايته عليه يوم جني عليه، وكان للأول عليه نصف ما نقصته جنايته عليه يوم جني عليه وعتق عليه بالمثلة، فكان عليه بذلك نصف قيمته يوم يقام عليه بذلك. وتفسير ذلك أن يقال ما قيمته صحيح اليدين يوم جنى عليه الأول؟ فإن قيل مائة قيل ما قيمته يومئذ مقطوع اليد الأولى؟ فإن قيل ثمانون كان للثاني على الأول ما بين القيمتين وذلك عشرة دنانير، ثم يقال ما قيمته يوم جنى عليه الثاني مقطوع اليد الأولى؟ فإن قيل سبعون قيل ما قيمته يومئذ مقطوع اليدين جميعا؟ فإن قيل سبعون قيل ما قيمته يومئذ مقطوع اليدين جميعا؟ فإن قيل ثلاثون كان للأول على الثاني ما بين القيمتين وذلك عشرون، ثم يقام يوم يقام عليه للعتق بالمثلة، فإن قيل عشرون كان عليه نصف عشرة دنانير ويعتق عليه، وكان له ولاؤه، فيكون للأول على الثاني على هذا المثال عشرون دينارا، وهذا هو الحكم فيه إذا ثبت أن جناية الأول عليه كانت خطأ وجناية الثاني عمدا، فقول سحنون في الرواية وإن كان الفاقيء الأول خطأ والثاني عمدا غرم الأول للثاني نصف ما نقصته، ثم ينظر إلى قيمته يوم يقام به فيعتق على الممثل به فيغرم نصفه للشريك ويعتق عليه معناه إذا أقيم عليه بالعتق مثل يوم جني عليه، وأما إن تأخر القيام عليه في العتق بالمثلة فعلى ما ذكرناه؛ لأن القيم قد تختلف باختلاف الأيام، وبالله التوفيق. .مسألة ادعى قبل رجل أنه فقأ عينه خطأ فقال المدعى عليه إنما فقأتهما عمدا: قال محمد بن رشد: قوله إن الجاني لو لو ساعد المجني عليه في أنه فقأ عينه خطأ ما كان عليه شيء لأن العاقلة لا تحمل الإقرار صحيح على ما قاله، وكما لا يلزمه شيء بإقراره بالخطأ كذلك، لا يلزمه شيء بإقراره بالعمد إذ لا يلزمه في العمد إلا القصاص وهو لا يجوز له أن يقتص منه ما دام مقيما على قوله إنه إنما فقأ عينه خطأ، ولو كذب نفسه فرجع إلى قول الجاني إنه فقأها عمدا لجرى ذلك على الاختلاف في الذي يقر للرجل بالحق فينكر ذلك المقر له ثم يرجع إلى ادعاء ما أقر له به، وهذا عندي في الجناية ما دام الجاني على إقراره بالعمد، وأما إن رجع عن إقراره بالعمد قبل أن يقتص منه فلا يقتص منه، بخلاف الحقوق؛ لأن له في الحقوق أن يأخذ منه ما أقر له بلا إذا رجع إلى تصديقه وإن رجع هو بعد ذلك عن إقراره، وأما إذا رجع عن إقراره قبل أن يرجع هو إلى تصديقه فلا شيء للمقر له في الحقوق ولا في القصاص وبالله التوفيق. .مسألة ليس على السيد إذا جنى عبده أكثر من أن يسلمه بجنايته: قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله إذ ليس على السيد إذا جنى عبده أكثر من أن يسلمه بجنايته، والمجني عليه لا يصح له أن يأخذه لإقراره بأنه حر بما شهد له به من عتق سيده إياه وبالله التوفيق. .مسألة يفقأ عين عبده أو عين امرأته فيقولا عمدا ويقول خطأ: قال محمد بن رشد: أما الطبيب فلا شك ولا اختلاف في أن ما تجاوز فيه محمول منه على الخطأ حتى يعلم خلاف ذلك، أما السيد في عبده والزوج في امرأته فلكلا القولين المذكورين وجه من النظر، والأظهر في السيد أن يحمل أمره في عبده على الخطأ فلا يعتق عليه بما ظهر من التمثيل به إلا أن تعلم أنه قصد التمثيل به، ويباع عليه إن دعا إلى ذلك العبد، وأما الزوج في امرأته فالذي أراه في ذلك ألا يحمل أمره على الخطأ، فيلزم ذلك العاقلة، ولا على العمد فيقتص منه لها، ويجعل ذلك كشبه العمد الذي يسقط فيه القصاص. وتكون فيه الدية على الجاني في ماله، وإن طلبت المرأة أن يفرق بينه وبينها وزعمت أنها تخافه على نفسها طلقت عليه طلقة بانية، وقد مضى هذا المعنى في رسم يشتري الدور والمزارع من سماع يحيى من كتاب العتق وبالله التوفيق. .مسألة أم ولد النصراني تسلم فتجني من قبل أن تعتق عليه: قال محمد بن رشد: هذه مسألة قد تقدمت والكلام عليها في رسم يشتري الدور والمزارع من سماع يحيى فلا معنى لإعادته. .مسألة جرحه رجل عمدا فعقل له جرحه طوله وغوره وكتب له ذلك في كتاب: قال محمد بن رشد: وإذا استنزلت البينة فشهد على ما لا يشك فيه حلف الجارح فيما ادعاه المجروح مما زاد على ذلك فاقتص منه على ما شهدت به البينة، فإن نكل الجارح عن اليمين حلف المجروح على ما ادعى واقتص له منه، وهو قول أشهب، قال أشهب في المجموعة وإذا جرح الرجل الرجل موضحة وعليه بينة لا يدري كم طولها ثبت له موضحة وليس في العمد إلا القود فليوقف الشهود على أقل موضحة، فإن وقفوا عنده ولم يجاوزوه حلف المشهود عليه على ما فوق ذلك وأقيد منه بذلك، وإن لم يحلف حلف الآخر واستقاد على ما ادعى، وقاله سحنون فيمن جرح رجلا عمدا ولو يؤخذ قياس من الجرح حتى يرى فليدع الجارح فيصف قدر ضربته وأين بلغت ويحلف على ذلك ويقتص على ما أقر به، وإن لم يصف وأبى قيل للمجروح صف ولا حلف ويقتص له على ما حلف وبالله التوفيق. .مسألة يجرح الرجل وليس له شاهد أو يضربه أيستحلف: قال محمد بن رشد: وقع في بعض الروايات المبر وفي بعضها المبرز ومعنى المبرز في الشيء الظاهر فيه المشهور به، مثل المبر فيه سواء في المعنى، يقال أبر فلان بمعنى ظهر يبر فهو مبر، والمفعول به مبر، ويقال أبر فلان على خصمه بمعنى ظهر، قال طرفة بن العبد: أي يظهرون على الآلئ الظاهر، يمدحهم بذلك، وقد مضى في رسم العقول والجبائر من سماع أشهب قبل هذا تحصيل القول في إيجاب اليمين على الجارح بمجرد دعوى المجروح دون سبب أو بسبب لا يبلغ أن يكون شاهدا عدلا، وكيف إن كان شاهدا عدلا فلا معنى لإعادته. .مسألة يوضح الرجل موضحة فيقتص له منه فيقصر الذي يقتص له عن حقه: قال محمد بن رشد: قول أصبغ حسن ينبغي أن يحمل على التفسير لمذهب ابن القاسم بأن يقسم ما قصر فيه من حقه على ثلاثة أقسام، يسير جدا كالعشر ونحوه، ويسير كالربع وما دون الثلث، وكثير كالثلث فما فوقه، فإن كان يسيرا جدا فلا يقتص له تمام حقه، وإن كان الأمر قريبا قبل أن يبرد ويأخذه الدواء ولا يكون له فيه شيء كما قال أصبغ في اليسير جدا، وإن كان يسيرا كالربع وما دون الثلث فإن كان بفور ذلك قبل أن يبرد ويأخذه الدواء وينبت اللحم اقتص له تمام حقه، وإن كان قد فات ذلك وأخذه الدواء لم يقتص له تمام حقه ولا كان له فيه شيء كما قاله ابن القاسم، وإن كان كثيرا كالثلث وما فوقه اقتص له تمام حقه إن كان بفور ذلك قبل أن يبرد ويأخذه الدواء، وإن فات ذلك ولم يعثر عليه بفوره حتى أخذ الجرح الدواء عقل له تمام حقه كما قال أصبغ، وبالله التوفيق. .مسألة قطع يد رجل من المنكب ويد آخر من الكف: قال محمد بن رشد: أما إذا قام به صاحب المنكب أولا فقطع له فبين أنه لا شيء للثاني؛ لأن الذي كان حقه فيه قد ذهب، وأما إذا قام به أولا صاحب الكف فقطع له ثم جاء الثاني فقول ابن القاسم الذي قال به أصبغ أولا أنه ليس له إلا قطع ما بقي من العضد هو الصحيح في النظر، وأما ما استحسنه أصبغ ورجع إليه من أنه لا يقطع له ما بقي من العضد ويعقل له ما بقي إلا أن يشاء أن يمكن من نفسه لذلك ويأبى العقل فليس عليه غير ذلك فهو بعيد، وما اعتل به في ذلك من أنه لا يعذب مرتين في قود واحد ليست بعلة صحيحة؛ لأنه قد عذب هو كل واحد منهما بالقطع، فواجب أن يعذب بالقصاص مرتين؛ لأن ذلك حق لرجلين، ولو قال إن الخيار في ذلك للذي قطعت يده من المنكب بين أن يقتص فيقطع ما بقي من العضد وبين أن يأخذ العقل لكان لذلك وجه؛ لأن من حجته أن يقول لا أقطع بقية عضوه بيدي الكامل، ولو قاما معا لكان الأشبه أن يقتص لهما جميعا قصاصا واحدا فيقطع يده لهما جميعا من المنكب؛ لأن القصاص للذي قطع يده من الكوع، وفي ذلك اختلاف، فقد قال أصبغ فيمن قطع أصابع رجل ثم قطع كفه تلك التي قطعت منها الأصابع إنه يقطع أصابعه ثم كفه إذا لم يكن ذلك في ضربة واحدة، وإذا قال ذلك أصبغ في رجل واحد فأحرى أن يقوله في رجلين إذا قاما معا، وإذا قاله في الرجلين إذا قاما معا فأحرى أن يقوله في الرجلين إذا قام صاحب الكف أولا فقطع له، ثم قام الثاني، فقول أصبغ في هذه المسألة يرد ما استحسنه في هذه الرواية، وأما ابن القاسم فقال في الذي قطع أصابع رجل ثم قطع بعد ذلك كفه إنه لا يقطع أصابعه ثم كفه، وقطع الكف يأتي على قطع الأصابع كالذي قتل وقطع إنه لا يقطع ثم يقتل وبالله التوفيق. .مسألة يشج الرجل موضحة فيصالحه على موضحة ثم تعود منقلة: .مسألة مدبرجرح رجلين موضحتين: قال محمد بن رشد: قوله ثم يخير الورثة في أن يسلموا إلى المجروحين ثلثي العبد وفي أن يفتدوه بثلثي دية الجرحين غلط ووهم؛ لأن الصحيح في ذلك على قياس قوله أن يخيروا بين أن يسلموا إلى المجروحين ثلثي العبد وفي أن يفتدوه بثلثي ما بقي من دية الجرحين إذ قد تأدى من ذلك إلى أحدهما نصف دية جرحه، والمسألة كلها معترضة لا تصح في النظر، والواجب فيها على ما يوجبه القياس والنظر أن يرجع إلى المجروح الذي أخذ من السيد دية جرحه فيؤخذ منه نصف ما بيده فيدفع إلى المجروح الآخر لا إلى ورثة سيد المدبر لاستوائهما فيما كان لهما على المدبر فإذا رجع بذلك على صاحبه استويا فيما صار إليهما من دية جرحيهما وفيما بقي لهما على المدبر، فيخير الورثة فيما رق لهما من المدبر وهو ثلثاه بين أن يسلموه إلى المجني عليهما في ثلثي ما بقي لهما من دية جرحيهما أو يفتكوه بذلك، فإن أسلموه ما كان بينهما بالسوية ثلثه لكل واحد منهما، وإن أفتكوه بذلك كان ما أفتكوه به بينهما بنصفين، ثم يرجعان بما بقي لهما من تمام دية جرحيهما على الثلث الذي عتق من المدبر فيتبعانه به في ذمته على السواء فيما بينهما إذ لا فضل لأحدهما في ذلك على صاحبه، إذ قد رجع الذي لم يأخذ منهما من السيد شيئا على صاحبه بنصف ما أخذه منه، وهذا بين والحمد لله. .مسألة العبد إذا جرح فمات من جرحه بعد أن حيي: قال محمد بن رشد: قوله إنه يكون له قيمته على الذي حلف أنه مات من جرحه كلام مجمل يفسره ما تقدم من قول سحنون، في سماعه أنه إن كان الأول كان عليه قيمته صحيحا، ورجع هو على الثاني بما نقصه جرحه، وإن كان الثاني كان له عليه قيمته بالجرح الأول، ورجع على الأول بما نقصه جرحه، وقوله إنه إن لم يحلف لم يكن له إلا ديات المواضح صحيح لاحتمال أن يكون مات من غير الجرحين، ويأتي على ما روي عن مالك من أن العبد إذا جرح فمات من جرحه بعد أن حيي يستحق سيده قيمته على جارحه دون يمين على ما ذكرناه في تفسير قول سحنون المذكور في سماعه وبالله التوفيق.
|